هل هي مصدر مساعدة أم مصدر إعاقة؟ بدأت عملية وضع مجموعة من القوانين والاتفاقيات والمبادئ التوجيهية التى تستهدف حماية اللاجئين ...
هل هي مصدر مساعدة أم مصدر إعاقة؟
بدأت عملية وضع مجموعة من القوانين والاتفاقيات والمبادئ التوجيهية التى تستهدف حماية اللاجئين فى الشطر الأول من القرن العشرين فى ظل عصبة الأمم، وهى الهيئة الدولية التى سبقت الأمم المتحدة، وبلغت ذروتها يوم 25 يوليو/تموز 1951، عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
وتبين الاتفاقية بوضوح من هو اللاجئ ونوع الحماية القانونية، وغير ذلك من المساعدات والحقوق الاجتماعية التى يجب أن يحصل عليها من الأطراف الوطنية الموقعة على هذه الوثيقة. وهي تحدد، بقدر متساو، التزامات اللاجئ تجاه الحكومات المضيفة، كما تحدد بعض الفئات المعينة من الأشخاص، من قبيل الإرهابيين غير المؤهلين للحصول على صفة اللاجئ.
وقبل شهور من الموافقة على هذه الاتفاقية، بدأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملها فى الأول من يناير/كانون الثانى 1951، وأثناء العقود الخمسة التالية، ظلت هذه الاتفاقية تشكل أساس الجهود التى تبذلها المفوضية من أجل توفير المساعدة والحماية لما يقدر بـ 50 مليون لاجئ.
وكان هذا الصك الأول مقصورا على توفير الحماية بصفة أساسية للاجئين الأوروبيين فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، غير أن بروتوكول عام 1967 وسع بدرجة كبيرة من نطاق الولاية المنوطة بالمفوضية بعد أن انتشرت مشكلة النزوح فى مختلف أرجاء العالم. ولقد كانت الاتفاقية الأصلية ملهمة أيضاً لعدد من الصكوك الإقليمية من قبيل اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969، وإعلان كارتاخينا لعام 1984 الخاص بلاجئي أمريكا اللاتينية.
وقد وقع ما مجموعه 139 دولة على أحد صكي الأمم المتحدة أو كليهما. بيد أنه مع تغير نمط الهجرة على الصعيد العالمي، ومع تزايد أعداد الأشخاص الذين يتنقلون من مكان إلى آخر، تغييراً جذرياً، فى السنوات القريبة العهد، ثارت شكوك حول مدى مناسبة اتفاقية 1951 مع الألفية الجديدة، ولا سيما فى أوروبا، التى تعتبر ـ بما ينطوى عليه ذلك من مفارقة ـ مكان مولدها.
وتوفر المفوضية فى الوقت الحاضر المساعدة لما يزيد على 22 مليون شخص، ولا تزال هذه الاتفاقية، التى أثبتت مرونتها بقدر ملحوظ فى الأوقات السريعة التغير، تشكل حجر الزاوية فى ولاية المفوضية الخاصة بالحماية. ونرد فيما يلى بعض الأسئلة الأكثر شيوعا عن الاتفاقية.
لماذا تعتبر هذه الاتفاقية مهمة؟
كانت هذه الاتفاقية أول اتفاقية دولية حقيقية تتناول النواحى الجوهرية من حياة اللاجئ. وقد بينت مجموعة من حقوق الإنسان الأساسية التى يجب أن تكون على الأقل معادلة للحريات التي يتمتع بها الرعايا الأجانب فى بلد ما، وفى العديد من الحالات، الممنوحة لمواطني تلك الدولة. وتعترف هذه الاتفاقية بالنطاق الدولي لأزمات اللاجئين، وضرورة توافر تعاون دولي، بما فى ذلك اقتسام الأعباء بين الدول، من أجل معالجة المشكلة.
ما الذي تحتويه اتفاقية 1951؟
تعرف الاتفاقية المقصود بلفظة “لاجئ”. وتجمل حقوق اللاجئ، بما فى ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على أهمية التزاماته / التزاماتها تجاه الحكومة المضيفة. وينص أحد الأحكام الرئيسية فى هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين ـ والمصطلح القانونى هو حظر الطرد أو الرد ـ إلى بلد يخشى / أو تخشى فيه من التعرض للاضطهاد. كما أنها تحدد الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية.
ما الذي يحتويه بروتوكول عام 1967؟
أزال البروتوكول الحدود الجغرافية والزمنية الواردة فى الاتفاقية الأصلية التى كان لا يسمح بموجبها إلا للأشخاص الذين أصبحوا لاجئين نتيجة لأحداث وقعت فى أوروبا قبل 1 يناير/كانون الثانى 1951، بطلب الحصول على صفة اللاجئ.
من هو اللاجئ؟
تعرف المادة الأولى من الاتفاقية بوضوح من هو اللاجئ. إنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل / تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد.
ما هي الحماية؟
تقوم الحكومة بإنفاذ قوانين البلد وتعمل على حماية مواطنيها وفقاً لهذه الأحكام. وعندما تكون الحكومات عاجزة أو غير مستعدة للقيام بذلك، وفي أحيان كثيرة أثناء صراع أو حرب أهلية، يفر أشخاص كثيرون من أوطانهم، وفى أغلب الأحيان، إلى بلد آخر، حيث يتم تصنيفهم كلاجئين. ونظراً لأنهم لم يعودوا يتمتعون بحماية حكوماتهم، فإن المجتمع الدولي يضطلع بهذا الدور.
من الذي يحمي اللاجئين؟
تقع على عاتق الحكومات المضيفة، بصفة أساسية، مسؤولية حماية اللاجئين. وتعتبر البلدان الـ 139 على نطاق العالم، التى وقعت على اتفاقية 1951، ملزمة بتنفيذ أحكامها. وتحتفظ المفوضية بـ “التزام رقابي” على هذه العملية، وتتدخل حسب الاقتضاء لضمان منح اللاجئين الصادقين اللجوء وعدم إرغامهم على العودة إلى بلدان يخشى أن تتعرض فيها حياتهم للخطر. وتلتمس الوكالة السبل من أجل مساعدة اللاجئين على بدء حياتهم مجدداً، إما من خلال العودة الطوعية إلى أوطانهم أو، إن لم يكن ذلك ممكناً، من خلال إعادة توطينهم فى دول مضيفة أو بلدان “ثالثة” أخرى.
هل لا تزال هذه الاتفاقية مناسبة للألفية الجديدة ؟
نعم. فقد اعتمدت من أجل معالجة العواقب الناجمة عن الحروب العالمية، وتفسخ الإمبراطوريات، والنزوح الجماعى للأشخاص. وقد تكون طبيعة الصراعات وأنماط الهجرة قد تغيرت فى العقود المتداخلة، غير أن هذه الاتفاقية قد أثبتت مرونتها بدرجة كبيرة فى المساعدة على حماية ما يقدر بـ 50 مليون شخص فى جميع أنواع الحالات، وسوف تستمر فى عمل ذلك وذلك نظراً لأن طبيعة الاضطهاد ذاتها لا تتغير.
هل المقصود بالاتفاقية أن تنظم تنقلات المهاجرين؟
لا. فهناك الملايين من المهاجرين “الاقتصاديين” وغيرهم من المهاجرين قد اغتنموا تحسن الاتصالات فى العقود القليلة الماضية من أجل التماس حياة جديدة فى بلدان أخرى، وبصفة أساسية البـلدان الغربية. بيد أنه يجب ألا يخلط بينهم بطريق الخطأ، حيث إنهم يتعمدون ذلك فى بعض الأحيان، وبين اللاجئين الصادقين الذين يفرون من الاضطهاد الذى يهدد حياتهم وليس بسبب مجرد ضائقة اقتصادية. ويجب على الحكومات أن تتصدى لمشكلتين منفصلتين بطريقتين مختلفتين ـ معالجة قضايا اللاجئين من خلال الإجراءات الخاصة بمنح اللجوء والمشكلات المتعلقة بالهجرة، بصورة منفصلة تماماً.
كيف تفرق المفوضية بين اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين؟
يغادر المهاجر الاقتصادي عادة بلده طواعية من أجل التماس حياة أفضل ويتمتع بحماية حكومته أو حكومتها الوطنية. غير أن اللاجئ ليس له خيار سوى الفرار من البلد بسبب ما يتعرض له من التهديد بالاضطهاد.
هل تشمل الاتفاقية الأشخاص النازحين داخلياً؟
ليس بوجه اليقين .. فاللاجئون هم أشخاص عبروا حدوداً دولية إلى بلد ثان التماسا للأمان. أما الأشخاص النازحون داخلياً فقد يكونون قد هربوا لأسباب مماثلة، غير أنهم يبقون فى أراضيهم وبذلك يظلون خاضعين لقوانين تلك الدولة. وفى أزمات بعينها، تقدم المفوضية المساعدة للعديد من الملايين، ولكن ليس لكافة النازحين داخلياً الذين يقدر عددهم بما بين 20 و25 مليون شخص على النطاق العالمي. وتدور فى الوقت الحاضر مناقشات واسعة النطاق على الصعيد الدولي حول الطريقة الأفضل التي يمكن من خلالها توفير الحماية لهؤلاء الأشخاص المرحلين، ومن الذي يقوم بذلك.
هل باستطاعة الاتفاقية أن تحل مشكلات اللاجئين؟
يصبح الأشخاص لاجئين، إما على أساس فردي أو كجزء من نزوح جماعي، وذلك بسبب مشكلات سياسية، أو دينية، أو عسكرية، أو غير ذلك من المشكلات التى تنشأ فى بلد موطنهم. ولا تستهدف الاتفاقية معالجة هذه الأسباب الجذرية، بل التخفيف من نتائجها وذلك عن طريق إتاحة درجة من الحماية القانونية الدولية وغيرها من المساعدات للضحايا، ومساعدتهم فى نهاية الأمر على بدء حياتهم من جديد. ومن الممكن أن تسهم الحماية بدرجة ما في التوصل إلى حل شامل، غير أنه مع تزايد أعداد اللاجئين بدرجة كبيرة فى العقود القريبة العهد، بات واضحاً أن العمل الإنسانى لا يمكن أن يعمل بديلاً عن العمل السياسى فى حل أزمات المستقبل أو اجتنابها.
ما هي الالتزامات التي تقع على عاتق اللاجئ؟
على اللاجئين أن ينصاعوا لقوانين وأنظمة بلد اللجوء الذى يقيمون فيه.
هل المطلوب من البلد الموقع على الاتفاقية أن يمنح لجوءاً دائماً لجميع اللاجئين؟
لا تقضى الاتفاقية بمنح حماية تلقائية أو دائمة. وقد تنشأ حالات يندمج فيها اللاجئون بصورة دائمة فى بلد لجوئهم، غير أنه في أحوال مغايرة قد تزول عن شخص ما صفة اللاجئ عندما يزول الأساس الذي أدى إلى منحه أو منحها وضع اللاجئ. وتعتبر العودة الطوعية إلى الوطن الحل المفضل للأشخاص النازحين وذلك عندما تسمح الأحوال السائدة فى بلد المنشأ بالعودة الآمنة.
من هم الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية؟
الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد السلام، أو جريمة حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء.
هل باستطاعة الجندي أن يكون لاجئاً؟
اللاجئ هو شخص مدنى. والشخص الذى يستمر فى الاشتراك فى أنشطة عسكرية لا يمكن النظر فى منحه اللجوء.
هل باستطاعة البلدان غير الأطراف فى الاتفاقية أن ترفض السماح بدخول اللاجئين الراغبين في ذلك؟
تعتبر جميع الدول، بما فيها الدول التي لم توقع على الاتفاقية، ملزمة بالتمسك بمعايير الحماية الأساسية التى تعتبر جزءاً من القانون الدولي العام. ويجب، على سبيل المثال، ألا يعاد أي لاجئ إلى أراض تتعرض فيها حياته أو حياتها، حريته أو حريتها للتهديد.
ما هو “عميل الاضطهاد”؟
يشير هذا المصطلح إلى شخص أو منظمة ـ حكومات، أو ثوار، أو جماعات أخرى ـ ترغم الناس على الفرار من ديارهم. غير أن منشأ الاضطهاد ليس عاملاً حاسماً. إذ إن المهم هو ما إذا كان شخص ما يستحق الحصول على حماية دولية أم لا بسبب عدم توافر هذه الحماية فى بلد المنشأ.
هل “الحماية المؤقتة” تختلف مع اتفاقية 1951؟
توافق الدول فى بعض الأحيان على توفير “الحماية المؤقتة” عندما تواجه تدفقاً جماعياً مفاجئاً من الأشخاص، مثلما حدث أثناء الصراع الذى نشب في يوغوسلافيا السابقة فى السنوات الأولى من التسعينيات، وعندما تتعرض أنظمتها الخاصة بمنح اللجوء لضغوط هائلة. وفى مثل هذه الظروف، تعمل “الحماية المؤقتة” لفائدة الحكومة وملتمسي اللجوء على حد سواء، غير أنها تكمل فقط الحماية التى توفرها الاتفاقية ولا تعتبر بديلاً عنها.
هل هنا بعض البلدان، مثل البلدان الموجودة في أوروبا، الغارقة بملتمسي اللجوء؟
ما فتئت أوروبا تتسم بقدر كبير جداً من كرم الضيافة تجاه اللاجئين، بما فى ذلك أثناء الصراعات التى شهدتها دول البلقان في التسعينيات. غير أن بعضاً من أشد دول العالم فقراً وأقلها تجهيزاً، ولا سيما فى إفريقيا، تستضيف الجانب الأعظم من جموع اللاجئين في العالم.
هل يمكن الإعلان عن أي بلد بأنه “آمن” بمعنى أنه لا يمكن أن يفرز لاجئين؟
لا. حتى فى الدول التى لا يوجد فيها بصفة عامة خطر جدي للتعرض للاضطهاد، لا بد مع ذلك من النظر في دعاوي الرعايا. وقد توجه هذه الدعاوي من خلال “إجراء معجل” بشرط أن يمنح ملتمسى اللجوء الفرصة لأن يعترض على الترجيح بعدم وجود خطر التعرض للاضطهاد.
الأمم المتحدة
COMMENTS