شكّلت نتائج الانتخابات النيابية التي شهدتها إيرلندا السبت الماضي مفاجأة لمختلف ألوان الطيف السياسي في البلاد، وذلك على إثر الاختراق الذي...
شكّلت نتائج الانتخابات النيابية التي شهدتها إيرلندا السبت الماضي مفاجأة لمختلف ألوان الطيف السياسي في البلاد، وذلك على إثر الاختراق الذي حققه حزب "شين فين" اليساري، الذي يعتبر الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الإيرلندي، على حساب الحزبين الوسطيين الرئيسيين اللذين طالما شكّلان ائتلافاً حكم البلاد.
ولأول مرة منذ استقلال إيرلندا في العام 1922، يحصد حزب "شين فين" ربع الأصوات في الانتخابات العامّة، إذ حقق 24.5 بالمائة متصدّراً بذلك الأحزاب المشاركة، وحّل حزب "فيني فيل" (جنود المصير) في المركز الثاني بواقع 22.2 بالمائة، وجاء ثالثاً حزبُ رئيس الوزراء المنتهية ولايته ليو فاردكار "فين غايل" (العائلة الإيرلندية) الذي حاز نسبة 20,9 بالمائة من الأصوات، علماً أن فاردكار المولود لأب هندي وأم إيرلندية، كان اعتمد نهج الحداثة في بلاد عُرفت بنهجها الكاثوليكي المحافظ، لكنّ شعبيته تراجعت بعد ثلاثة أعوام في السلطة.
وعلى الرغم من تصدّر الـ"شين فين" قائمة الأحزاب الفائزة في الانتخابات، فإن حزب "فيني فيل" هو الأوفر حظاً في الحصول على أكبر عدد من المقاعد النيابية، ذلك لأن الحزب اليساري لم يخض الانتخابات إلا بـ42 مرشحاً، أي أدنى بمرتين تقريباً من عدد مرشحي الحزبين الوسطيين، فيما يبقى الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو حزب "فيني غايل" الذي سيفقد غالبية مقاعده.
وبعد أسبوع على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير باتت إيرلندا وسكانها البالغ عددهم 4,9 ملايين نسمة في خط المواجهة الأمامي.
"شين فين" والخطوط البيانية
حزب "شين فين"، وما أن بدأت ترتفع لصالحه الخطوط البيانية للانتخابات، حتى أخذ يفكّر بتشكيل حكومة ائتلافية، وقالت زعيمة الحزب يوم أمس الأحد "أريد أن تكون لدينا حكومةٌ من أجل الشعب". وأضافت ماكدونالد أنه يفضّل ألا تضمّ هذه الحكومة أيا من الحزبين الوسطيين، مشيرةً إلى أنها على تواصل مع أحزاب صغيرة مثل الخضر والاشتراكيين الديموقراطيين.
وقالت ماري لو ماكدونالد أمام الصحافة من مركز الفرز الرئيس في العاصمة دبلن إن الأحزاب الكبرى التي ترفض "التعاطي معنا" ستغير موقفها.
وفي حين أكد فارادكار تمسّكه بموقفه الرافض للتعاون مع "شين فين"، بدا زعيم حزب "فيني فيل" مايكل مارتن الأحد وكأنه يليّن موقفه إزاء الحزب القومي الجمهوري. ومع إشارته إلى "عدم التوافق" السياسي مع "شين فين" حول عدد من المواضيع، رفض مارتن تكرار موقفه المعارض للتحالف أمام الصحافة.
وأعلنت ماكدونالد بدورها أن الإيرلنديين صوتوا "من أجل التغيير"، مضيفةً أن "الأمر المذهل هو أن المؤسسة السياسية، وأعني هنا فيني فايل وفين غايل، في حالة نكران"، هذا فيما قد تحتاج مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية جديدة لأسابيع أو أشهر، إذ في الانتخابات السابقة التي جرت في 2016، لم يتمكن الحزبان الكبيران من تشكيل حكومة إلا بعد مرورسبعين يوماً من المفاوضات.
ويرى مراقبون أن الرافعة التي مكّنت "شين فين" من تحقيق هذا النصر الانتخابي غير المسبوق، هي حضورُه وتفاعلُه الكثيف على وسائل التواصل الاجتماعي خلال المدّة التي سبقت الانتخابات، إذ يرى أولئك المراقبون أن الحملة الانتخابية التي قادها الحزب على الشبكة العنكبوتية كانت ناجحة إلى الحد الذي حصد معه الحزب هذا الكم الكبير من الأصوات.
ووفقاً لبيانات "كرود تانغل" التي تحلل وترصد التفاعلات في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، فقد حصلت صفحة "شين فين" على أكثر من 60 بالمائة التفاعلات، كما كان لصفحة الحزب على موقع "فيسبوك" ما يقرب من 350 ألف تفاعل إضافي (إعجابات، تعليقات ومشاركات) خلال مدّة الـ30 يوماً السابقة للانتخابات.
وقد تواجد "شين فين" بقوة على موقع "أنستغرام"، حيث حصل على 46 بالمائة من إجمالي التفاعلات لجميع الأطراف، على الرغم من أن منشورات الحزب كانت أقل من منشورات أي حزب رئيسي آخر على الموقع المذكور خلال الـ30 يوماً التي سبقت الانتخابات.
COMMENTS