يحدث بالفعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن بريطانيا خرجت من الاتحاد الأوروبي رسمياً الأسبوع الماضي، إلا أن التجارة ...
يحدث بالفعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن بريطانيا خرجت من الاتحاد الأوروبي رسمياً الأسبوع الماضي، إلا أن التجارة مع بقية الدول السبع والعشرين التي لا تزال في التكتل وتركيا لن تتغير خلال فترة انتقالية حتى نهاية العام، إذ ستبقى المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي. يقدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عدداً من الفرص لتركيا، لكن بعد الفترة الانتقالية، قد يشكل أيضاً تحديات اقتصادية خطيرة.
وتعد بريطانيا أحد أهم الشركاء التجاريين لتركيا، وتأتي في المركز الثاني بعد ألمانيا في حجم التجارة الثنائية. وبحسب معهد الإحصاء التركي، أرسلت تركيا صادرات إلى بريطانيا في عام 2018 بقيمة 11.2 مليار دولار.
يرى المسؤولون الأتراك أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصة لتعزيز العلاقات التجارية بين تركيا والمملكة المتحدة، وكذلك التوافق الثنائي في القضايا الإقليمية الأخرى. ومع ذلك، يمكن للاتحاد الجمركي التركي مع الاتحاد الأوروبي أن يُعقد الأمور.
يسمح الاتحاد الجمركي لتركيا بتعريفة جمركية وحصص تجارية حرة مع الاتحاد الأوروبي على العديد من السلع، لكنه يضع تركيا في موقف غير جيد عند التعامل مع بلدان الطرف الثالث التي تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.
ويتعين على تركيا الالتزام بالسياسة التجارية للاتحاد الأوروبي، مما يعني أنه عندما يوقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تقلل من الحواجز التجارية مع أي بلد خارج الاتحاد الأوروبي، تنطبق هذه التخفيضات أيضاً على تركيا. وفي الوقت ذاته، نظراً لأن تركيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، فإنها لا تحصل على نفس إمكانية الوصول التفضيلي لصادراتها التي يخرجها الاتحاد الأوروبي من مثل اتفاقيات التجارة الحرة هذه.
ويمكن أن تتفاوض تركيا على اتفاقياتها الخاصة مع دول خارج الاتحاد الأوروبي، لكن هذه الدول لا يوجد لديها حافز يُذكر من أجل التفاوض مع تركيا لأنها يمكن أن تحصل بالفعل على وصول تفضيلي إلى السوق التركية من خلال إبرام اتفاقيات تجارية مع سوق الاتحاد الأوروبي الأكبر بكثير.
وقد تم الاتفاق في البداية على الاتحاد الجمركي في عام 1995 كخطوة نحو وصول تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. ونظراً لأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لم يعد مطروحاً على الطاولة الآن، فإن اتفاقية الاتحاد الجمركي بحاجة ماسة إلى التحديث.
وفي الشهر الماضي، ناقش المسؤولون الأتراك والأوروبيون تحديث الاتحاد الجمركي. لقد كانت تلك المحادثات خاملة، لكن إصلاح مشاكل هذا الاتفاق الواسعة أمر يمكن للمسؤولين الأتراك التعامل معه. ومع ذلك، فإن تجنب أصعب عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعتمد على تطورات غير مؤكدة خارج سيطرة تركيا.
يتطلب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منها أن تتفاوض على صفقات تجارية جديدة الآن إذ أنها لم تعد طرفاً في ترتيبات الاتحاد الأوروبي التي تغطي التجارة مع 60 دولة أخرى. وفي حين لا تزال بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، لم يُسمح لها إلا بالتفاوض مع الدول التي لديها بالفعل اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي. لقد وقعت عدداً من هذه الاتفاقيات المكررة مع تكرار الشروط التي تضعها البلدان الثالثة مع الاتحاد الأوروبي، مما يضمن استمرار التجارة كالمعتاد مع هؤلاء الشركاء.
ومنذ الأسبوع الحالي، أصبحت بريطانيا حرة في بدء التفاوض على صفقات تجارية جديدة مع دول مثل الولايات المتحدة التي ليس لديها اتفاقيات سابقة مع الاتحاد الأوروبي. بيد أن تركيا ليست في أي من المجموعتين تماماً.
وكتب سام لوي، كبير الباحثين في مركز الإصلاح الأوروبي، هذا الأسبوع قائلاً "لا يمكن للمملكة المتحدة أن تبقى في اتحاد جمركي مع تركيا ما لم تكن أيضاً في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي استبعدته الحكومة البريطانية".
وأردف قائلاً "يمكن للمملكة المتحدة التفاوض على اتفاقية تجارة حرة مع تركيا ما دامت ستبرم اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي، ولكن بدون اتحاد جمركي، ستتدفق التجارة بحرية أقل من ذي قبل".
سيكون لتركيا وبريطانيا حرية التفاوض على نظام تجاري جديد، على الأرجح اتفاقية تجارة حرة ثنائية، لكن لا توجد اتفاقيات تجارية جديدة يمكن أن تدخل حيز التنفيذ في حين تظل المملكة المتحدة متحالفة مع الاتحاد الأوروبي خلال فترة الانتقال بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، لا يمكن تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة وتركيا حتى تتفق بريطانيا والاتحاد الأوروبي على اتفاقية التجارة الحرة بينهما أولاً.
وقد أثارت التحذيرات المتكررة من أن فترة الانتقال لمدة 11 شهراً قصيرة للغاية بالنسبة لبريطانيا والاتحاد الأوروبي للتفاوض على ترتيب تجاري جديد شبح احتمال أن يصل الطرفان إلى نهاية العام دون التوصل لترتيب جديد.
وإذا فشلت مفاوضات بريطانيا التجارية مع الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية عام 2020، فستضطر المملكة المتحدة إلى العمل بموجب شروط منظمة التجارة العالمية، والتي من شأنها أن تقدم رسوماً جمركية وحصصاً مرتفعة لتجارتها مع الاتحاد الأوروبي. وسيكون هذا السيناريو هو الأسوأ بالنسبة لتركيا.
وقد أبرز تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية العام الماضي أن الاقتصاد التركي خارج الاتحاد الأوروبي سيعاني من أشد الأضرار في سيناريو الخروج دون اتفاق، حيث تم محو صادرات بقيمة 2.4 مليار دولار في وقت كانت فيه تركيا في أمس الحاجة إليها لمساعدة اقتصادها على التعافي.
وإذا فشلت بريطانيا في التفاوض على انتقال سلس مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام، فإن المصدرين الأتراك في القطاعات الرئيسة التي يغطيها الاتحاد الجمركي التركي - الأوروبي، بما في ذلك المنسوجات والسيارات، يخشون أن يفقدوا حصتهم في السوق في المملكة المتحدة بسبب إدخال الرسوم الجمركية.
كلما طال الوقت الذي استغرقته بريطانيا لإكمال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وتركيا، كان من الصعب على المصدرين الأتراك استعادة حصتهم في السوق كمنافسين لا سيما من شرق آسيا، سيتعطل العملاء في هذه الأثناء.
الخبر السار هو أن بريطانيا أظهرت بعض الالتزام إزاء المشكلة من خلال تشكيل مجموعات عمل ثنائية مع تركيا. ثمة حوافز كبيرة لبريطانيا وتركيا لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة على الفور لتحفيز التوافق الوثيق حول مجموعة من القضايا الإقليمية، ولكن الأمر سيحتاج إلى عمل ثابت من الجانبين. إذا كان الجهد الثنائي غير كاف، فهناك خطر حقيقي جداً من تضرر العلاقة الاقتصادية في عام 2021.
يمكن قراءة المقال باللغة الإنكليزية أيضاً هنــا
COMMENTS