تتعرض أوروبا لموجات حر، لكن تكون حصيلتها ثقيلة بعدد الوفيات. لماذا الناس تشتكي من حرارة 25 درجة في بريطانيا لكنها تتعايش مع 40 درجة في السعودية مثلا؟
بعض الأسباب عن حالات الوفيات جراء موجات الحر التي تضرب القارة الأوروبية:
1- جسم الإنسان الأوروبي "سكان المناطق الباردة" حساس جداً للـحرارة.
يعتبر طقس أوروبا بارد أغلب أيام السنة ، يصبح معتدل الحرارة صيفاً ، ولا تزيد درجات الحرارة عن 25 درجة مئوية أو أكثر بقليل على أغلب العواصم الأوروبية خلال أيام الصيف بـإستثناء دول جنوب أوروبا ، طبيعة المناخ هذه أدت لـتكيف الجسم الأوروبي مع المناخ البارد ومقاومته للـبرودة وعدم تكيفه مع الأجواء الحارة عكس طبيعة جسم الانسان العربي المتأقلم مع طبيعة المنطقة الحارة.
2- طول ساعات النهار .
في أوروبا ، الشمس لا تكاد تغيب لـساعات قليلة حتى تعود لـتشرق من جديد ، وفي بعض مناطق شمال أوروبا الشمس لا تغيب أبداً خلال فصل الصيف ، ساعات نهار طويلة (( تعني أن الحرارة القصوى تسجل في وقت باكر وتستمر لـفترة طويلة )) حتى تعود لـتنخفض مع تحرك قرص الشمس غربًا.
3- الرطوبة المرتفعة .
تغطي القارة الأوربية مساحات شاسعة من الغابات والحشائش والبحيرات والانهار ، كما تطل القارة الأوربية على العديد من البحار من كل جهة تؤدي لإرتفاع الرطوبة طوال أيام السنة ، كذلك غيوم بـاستمرار و رذاذ ، فـالرطوبة تزيد من الحرارة المحسوسة أثناء هبوب الرياح الساخنة مايزيد من معاناة الاشخاص .
الرطوبة النسبية وهي معدل لـقياس نسبة بخار الماء في الهواء ، والتي تلعب دور مهم في تبريد جسم الانسان ، بـحيث كلما ارتفعت نسبة الرطوبة في الهواء.. قلت عملية تبخير العرق بـجسم الإنسان مما يزيد من إحساس الشخص بـالحر .
وأهم من كل ذلك ، تعتبر شريحة الأشخاص المسنين هي الأكثر عرضة لأخطار الحرارة.
على سبيل المثال: من بين 522 حالة وفاة حدثت في شيكاغو خلال موجة الحر التي وقعت في 12-16 يوليو/تموز 1995 ، كان 371 (73%) في سن 65 أو أكثر. حيث يعاني كبار السن من ضعف القدرة على التعرق.
بالإضافة إلى كبار السن ، فإن الرضع والأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة (خاصة أمراض القلب الموجودة مسبقًا) أو الإعاقات هم أكثر عرضة لتأثيرات موجات الحرارة.
كذلك الأشخاص الذين لا يتأقلمون مع الطقس الحار ، أو يجهدون أنفسهم ، أو يعانون من السُمنة ، أو يتعاطون الكحول أو المخدرات (بما في ذلك العقاقير مثل مضادات الذهان ، والمهدئات ، ومضادات الاكتئاب ، وأنواع معينة من الحبوب المنومة ، وأدوية مرض باركنسون) معرضون لخطر كبير.
لماذا الحر يقتل في أوروبا ؟ من أكثرة الأسئلة طرحاً إبان موجات الحر الأوروبية، على الرغم أن درجة الحرارة العظمى على أجزاء من أوروبا بلغت نحو 40 ±1 درجة مئوية فما هو السبب أو الأسباب في ذلك؟
الجواب:
الوفيات جراء موجات الحر في أوروبا تكون في كبار السن المرضى على وجه العموم.
وبنسبة تصل إلى نحو 95% خاصة من تجاوز منهم عتبة 65 سنة، وأوروبا تحظى بشريحة واسعة من كبار السن، وبعضهم يسكن منفرداً ، ومن جهة أخرى يعود سبب كثرة الوفيات هناك إلى عدة عوامل منها:
1.عدم تكيّف أجسام الأوروبيين مع درجات الحرارة العالية.
2.عدم وجود مكيفات أو حتى مراوح في كثير من المنازل الأوروبية خاصة منازل كبار السن.
3.ارتفاع الرطوبة الجوية في الهواء بسبب الغابات، والأنهار، والبحيرات فضلاً عن المدن القريبة من السواحل، أو كونها دولة جزرية كبريطانيا، فإذا ارتفعت درجة الرطوبة في الأجواء متزامنة مع ارتفاع درجة الحرارة يؤدي ذلك إلى أن تضعف أو تتوقف عملية تبريد الجسم الذاتية عبر عملية التعرق؛ بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو، وعندما تتجاوز درجة حرارة الإنسان 37.5 درجة مئوية يصبح التعرق أقل فاعلية، عندها ترتفع درجة حرارة جسم الإنسان، فيشعر بالضيق، والإرهاق، والضغط النفسي.
4.صفاء سماء أوروبا من الشوائب والعوالق الغبارية التي تحد من قوة الإشعاع الشمسي، كما هي في منطقتنا العربية.
5.سمك الغلاف الجوي في العروض العليا أقل من المناطق المدارية أو الاستوائية، وهذا العامل والذي قبله يعززان الشعور بلسعة الشمس، والإحساس بالحر صيفاً.
6.طول فترة النهار مقارنة في مناطقنا العربية، فالنهار في أوروبا في فصل الصيف أطول من نهار وسط السعودية ـ على سبيل المثال ـ بنحو 2-3 ساعة تقريباً.
7.صُممت وبُنيت الغرف في أوروبا صغيرة في مساحتها؛ حتى تسهل تدفئتها في الشتاء القارس البرودة، وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن تتعاظم درجة الحرارة المحصورة بالغرفة الصغيرة، مقارنة بحجم غرفة أكبر مساحة وأعلى سقفاً، حيث يولّد الإنسان وما حوله من أجهزة حرارة داخل الغرفة، علاوة على حرارة الحوائط والسقف فتجتمع تلك المصادر الحرارية في حيز ضيق، فترتفع الحرارة بسرعة في الغرف الصغيرة أكثر من الغرف الكبيرة.
قد تكون كل أو بعض تلك العوامل سبباً للوفيات جراء موجات الحر في أوروبا، من جهة أخرى ووفقاً للأبحاث العلمية فإن درجات الحرارة ستشهد في المستقبل المنظور ارتفاعاً أكثر على مستوى الكرة الأرضية، جراء انبعاثات غازات الدفيئة (التلوث) والتي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن ثم التغير المناخي، ومن ثم ستتعاظم موجات الحر شدة وتكراراً.
COMMENTS