تثير قوارب اللاجئين التي تعبر القنال الإنكليزي بتواتر الكثير من الكلام. ما علاقة ذلك بالوعود التي قطعها الداعون للخروج من الاتحاد الأوروبي؟
مهاجرون في المانش. الصورة من حساب @EuroMedHR على تويتر | مهاجر نيوز |
خ.س/د.ص (د ب أ) - جوناثان بورتيز ، خبير الهجرة في منظمة "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" (UK in a Changing Europe).
رغم أن بريطانيا ليست من بين الدول الأكثر استقبالاً للمهاجرين، تثير قوارب اللاجئين التي تعبر القنال الإنكليزي (بحر المانش) بتواتر الكثير من الكلام. ما علاقة ذلك بالوعود التي قطعها الداعون للخروج من الاتحاد الأوروبي؟
بشر يكدسون أنفسهم في قوارب مطاطية ويعبرون بها البحر الأبيض المتوسط على أمل الوصول إلى شاطئ الأمن في أوروبا. بعض منهم يواصل رحلته شمالاً إلى بريطانيا عبر القنال الإنكليزي (بحر المانش). حسب الأرقام الرسمية بلغ عدد المهاجرين الذين عبروا القنال حتى بداية حزيران/يونيو من هذا العام أكثر من 4000 إنسان. في العام الماضي وصل الرقم إلى أكثر من 8000 إنسان. صحيح أن الرقم كبير بالنسبة لبريطانيا ذات 66 مليون ساكن، بيد أن الأمر لم يخرج عن السيطرة بعد.
الهجرة غير الشرعية بين الأمس واليوم
صور القوارب المكتظة عن آخرها باللاجئين تشكل مشكلة للحكومة في لندن؛ إذ أن أحد أهم الوعود التي أطلقها الداعمون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل التصويت هو "السيطرة على الحدود" ووقف الهجرة غير الشرعية.
"الهجرة اليوم موضوع لا يحوز على اهتمام كبير بين الشعب البريطاني كما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات"، يقول جوناثان بورتيز، خبير الهجرة في منظمة "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" (UK in a Changing Europe).
على الرغم من تراجع موضوع الهجرة في سلم أولويات البريطانيين، حسب كلام الخبير، صمم الكثيرون وفي مقدمتهم وزيرة الداخلية، بريتي باتيل، على تنفيذ الوعد بصرامة وحزم. ينظر حزب المحافظون إلى وصول المهاجرين إلى شواطئ بريطانيا على أنه علامة على فقدان السيطرة السياسية. ويدعم المحافظون ما يذهبون إليه بالإشارة إلى مظاهرات محدودة لقوميين في المنطقة الحدودية المحاذية للقنال.
وزيرة من أصول مهاجرة ضد المهاجرين
"لدينا وزيرة داخلية ذات سمعة بأنها يمينية محافظة ومع خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي. لقد بنت مسيرتها السياسية على ذلك"، يوضح بورتيز.
مؤخراً التقطت صورة للوزيرة البالغة من العمر 49 عاماً والمنحدرة من عائلة هندية-أوغندية بجانب الشرطة عند إلقاء القبض على مهربين.
وبشكل شبه علني تفكر في منع القوارب المطاطية من الوصول للشواطئ البريطانية باستخدام السفن الحربية وإقامة مراكز للاجئين في أفريقيا. (انظر هنا)
"لا نستبعد اللجوء لأي خيار يمكن أن يقلل من الهجرة ويخفف من ضغط اللاجئين"، حسب وزارة الداخلية البريطانية.
وصدر حكم قضائي صدقته المحكمة العليا بأن مآوي اللجوء التي استخدمت لإيواء مئات اللاجئين لا تتطابق مع الحد الأدنى من المعايير اللازمة للحماية من فيروس كورونا.نظام لجوء "طبقي"
لا يعني بريكست انتهاء العهد الذي كان فيه مواطنو دول الاتحاد الأخرى يمكنهم العمل بحرية وقضاء عطلة فقط. هناك خطط مقترحة لإنشاء نظام لجوء من طبقتين:
المهاجرون الشرعيون وأولئك غير الشرعيين. وبموجبه سيحرم اللاجئون غير الشرعيين من بعض مزايا اللاجئين الذي يقدمون بصورة نظامية.
مشروع القانون انتقدته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: "وقعت بريطانيا على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين لعام 1951. تطبيق نظام اللجوء المقترح انتهاك للاتفاقية. في حال كان لدى بريطانيا، وهي التي تستقبل نسبة صغيرة من اللاجئين نسبياً مقارنة بباقي الدول، استعداد لعدم تطبيق التزاماتها، سيؤدي ذلك إلى إضعاف نظام اللجوء في العالم أجمع".
حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بلغ عدد اللاجئين في العام الماضي في كل أنحاء العالم أكثر من 82 مليون إنسان، وهو أكبر عدد سجل على الإطلاق.
الخروج من الاتحاد يعني الخروج من اتفاقية دبلن
بريطانيا كجزيرة بعيدة عن شواطئ المتوسط ليس مكان وصول أولي بالنسبة للاجئين، الذي يقدم معظمهم من أفريقيا والشرق الأوسط ثم يقصد بعضهم بريطانيا. في العام الماضي تراجع عدد طلبات اللجوء التي تمت الموافقة عليها مرة أخرى لتصل إلى 8600 طلب لجوء حتى نهاية آذار/مارس، وهو حوالي ربع العدد في السنة التي قبلها والأقل منذ عام 2012.
ويرجع تزايد حالات عبور القنال إلى الظروف المأساوية التي يعيشها المهاجرون على الجانب الآخر في فرنسا في كاليه. يكتظ المخيم بطالبي اللجوء الذين يدخلون في مصادمات مع الشرطة وفيما بينهم عند تفكيكه.
يحاول بعض المهاجرين الفرار من ظروف كاليه الكارثية عن طريق الاختباء في شاحنات تنقلها عبارات بحرية أو على سكك حديد عبر نفق المانش. ويختار البعض الآخر المغامرة بركوب البحر على قوارب مطاطية يتكدس اللاجئون فيها فوق بعضهم البعض لعبور حوالي 50 كيلومتراً حتى الوصول لأقرب نقطة في دوفر على الشواطئ البريطانية.
ويرجع جوناثان بورتيز، خبير الهجرة في منظمة "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة"، ارتفاع حالات العبور إلى جائحة كورونا. "قبل زمن كورونا كان بعض المهاجرين يستخدمون وسائل أخرى غير عبور المانش للوصول لبريطانيا. قل عدد الطائرات والقطارات المتجهة إلى بريطانيا في زمن الجائحة".
وزيرة الداخلية لا تريد قبول الوضع الحالي. في مفاوضاتها مع نظرائها الأوروبيين تحاول إقناعهم باستعادة اللاجئين، لكن بلا نجاح حتى اللحظة. "كان ذلك متوقعاً؛ إذ أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني خروجها من اتفاقية دبلن (يلزم دول الوصول باستعادة اللاجئ المغادر لبلد آخر في الاتحاد).
بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي التي تستقبل أعداد أكبر من بريطانيا من اللاجئين لا حافز لديها على الإطلاق لإسداء هذا المعروف لبريطانيا"، يختم جوناثان بورتيز، حديثه.
COMMENTS