في ظل الغموض الذي يلف عالم الفضاء بالنسبة للبشر، أنشأ مجموعةٌ من العلماء رسالةً إذاعيةً تتطلب مستوى ذكاء عالٍ لقراءتها من أجل إرسالها إلى ا...
في ظل الغموض الذي يلف عالم الفضاء بالنسبة للبشر، أنشأ مجموعةٌ من العلماء رسالةً إذاعيةً تتطلب مستوى ذكاء عالٍ لقراءتها من أجل إرسالها إلى الفضاء الخارجي، سعيًا منهم لتتلقاها كائناتٌ فضائيةٌ تعيش في عالمٍ ما، وتتمتع بذكاءٍ يضاهي ما يملكه البشر. كما أن هذه الرسالة تعتبر النسخة المحدثة عن رسالة Arecibo التي بُعثت للفضاء سابقًا.
في الحقيقة ليست هذه الرسالة الأولى من نوعها، إنما أرسل العلماء في عام 1974 رسالةً فضائيةً من خلال تلسكوب Arecibo Radio Telescope الموجود تحديدًا في بورتوريكو، وعن محتوى تلك الرسالة فقد تضمنت 1679 وحدةً لتخزين المعلومات وهي بت (bits)، التي تترتب وفق 73 سطرًا و 23 حرفًا، ومن ثم أٌرسلت وفق رمزٍ مكونٍ من أرقام 1 و 0، وبمجرد فكها ستظهر رسوماتٌ محددةٌ تدل على الإنسان وكوكب الأرض وما يمثل النظام الشمسي، إضافةً لشكل الحمض النووي وتلسكوب Arecibo.
أما عن مضمون الرسالة الجديدة المحدثة عن رسالة Arecibo، فهي تضم معلومات أكثر من سابقتها كالمتعلقة بأسس الرياضيات والعلوم، التي تتطلب وجود ذكاءٍ مماثلٍ للبشر، وقد أطلق عليها اسم رسالة BITG.
التلسكوبات الراديوية التي شوهدت في مرصد مولارد لعلم الفلك الراديوي في كامبريدج ، إنجلترا ، في يوليو 2006. الاستماع إلى موجات الراديو هو إحدى الطرق التي يبحث بها البشر عن كائنات فضائية. |
وفي سياق هذا الخبر صرّح أحد طلاب جامعة كامبريدج المشارك في تأليف تقريرٍ خاصٍ بمشروع الرسالة الجديدة وهو ماثيو تشونغ لمجلة نيوزويك متضمنًا قوله:
"إن رسالة BITG هي امتدادٌ لكلٍ من رسالة Arecibo و مكالمة Cosmic، ولكن ما هو جديدٌ فيها أنها تحوي على معلوماتٍ مصورة وأبجدياتٍ خاصةٍ بتمثيل الأرقام والحمض النووي، أيضًا تمثل الأرض ومحيطاتها والإنسان وغيرها الكثير من الدلالات عن كوكب الأرض وما فيه.
"كذلك جاء تصريح جوناثان جيانغ أحد مسؤولي مختبر (JPL) في ناسا، ليبين أن الرسالة الجديدة تحتوي على ما يشير إلى بعض المعالم الكونية الدالة على مكان وجود الأرض ضمن مجرة درب التبانة.
وفيما يتعلق بالخبر من زاوية أخرى فقد أثارت هذه المسألة قلق بعض العلماء في السابق، نتيجة مخاوفهم من الكائنات المجهولة التي قد تتلقى الرسالة، ومن أشهرهم عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينج الذي عبر عن قلقه الشديد لأكثر من مرة حول فكرة التواصل مع كائنات خارجية مجهولة الهوية بالنسبة للبشر.
أجرى هوكينج خلال عام 2015 تجربة لدراسة ما إذا كانت الموجات الخاصة بالراديو موجودةً من الأساس خارج الكرة الأرضية، وبذلك سيتمكن الإنسان من الاستماع إلى الموجات الخارجية ومعرفة إمكانية وجود كائنات أخرى أم لا، دون الحاجة إلى إرسال أي دلائل عن عالم الأرض، فعلى حد تعبيره أن تلك الكائنات إن وجدت قد لا تكون ودودةً مع الإنسان أبدًا، كما أنها قد تكون أكثر قوةً وهذا قد يشكل خطرًا علينا.
كذلك تابع ستيفن تحذيراته في عام 2016 عندما أشار إلى وجود كوكبٍ غريبٍ خارج المجموعة الشمسية (Gliese 832 c) الذي من الممكن أن يقطنه كائناتٍ مجهولة وقد ترسل لنا رسالة يومًا ما، ولكن يفترض على المسؤولين عن الرد أن يكونوا حذرين مما سيرسلون لهم من معلومات.
وكتعليقٍ على رأي ستيفن صرحت إحدى المشاركات في مشروع الرسالة الجديدة المدعوة (جميلة هاه) أن فوائد تنفيذ هذه التجربة أكثر بكثيرٍ من المخاطر على حد رأيها، فقالت:
"إن اقتباس ستيفن مهمٌ جدًا، لكن من وجهة نظري الشخصية إن من يقدر على فك شيفرات هذه الرسالة سيكون بمستوى ذكاء البشر أو أعلى منه، وبالتالي سيفهم أن رسالتنا تحمل معنى السلام والتعارف وليست هجوميةً أبدًا، مما يوحي بالأمل من رد التعارف والتفاهم الآتي من قبله".
ومن باب العلم بالشيء، رسالة BITG لم ترسل بعد، إنما من المقترح إرسالها عبر التلسكوب الراديوي الموجود في الصين الذي يمتلك فتحةً كبيرةً يصل ارتفاعها 500 متر، إضافةً إلى Allen Telescope الموجودة في شمال كاليفورنيا ضمن معهد SETI.
COMMENTS